إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين
304955 مشاهدة
تقديم الغداء قبل الصلاة

السؤال: س152
         رجل لا يحضر من أعماله إلا قبيل صلاة العصر، وعندما يحضر ويطلب الغداء يكون جائعا ، ويؤدي صلاة العصر، وقد تفوته الصلاة مع الجماعة فما الحكم ؟ وما حكم من أخر وقتا من أوقات الصلاة حتى خروج وقتها ؟ ؟
الجواب:-

       في هذه الأزمنة، وفي المملكة السعودية أرى أن الجوع الشديد لا يوجد، كما كان من قبل، فلا يكون الأكل عذرا في تأخير الصلاة مع الجماعة بخلاف ما كانت عليه الحال قبل ستين عاما ، وما عليه الحال في كثير من البلاد التي تلاقي الفقر والفاقة، وقد مستهم البأساء والضراء، فقد كانوا يعملون طوال النهار في الحفر ونقل التراب، وصعود المرتفعات كالنخيل والجبال، والمشي على الأقدام خمس أوست ساعات متوالية، بدون استراحة، ففي تلك الأزمنة يشتاقون إلى الطعام، وينشغلون في الصلاة بالحديث عنه، لذلك ورد الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان .
فأما الآن فالغالب أن العامل يتناول الأكل أول النهار بما يسمى فطورا ، وفي العمل يجلس على كرسي ولا يزاوله إلا نادرا ، وفي الذهاب والإياب يمتطي سيارة مريحة، لا يحس مع  الركوب بتعب ولا جوع، فأرى أن عليه أن يبدأ بالصلاة مع الجماعة إن خشي أن تفوته الصلاة، فإن قدر أن اشتد به الجوع وخاف إن ذهب للصلاة أن ينشغل قلبه في صلاته، أو كان الطعام قليلا وخشي أن يأكله أهله ويبيت هو طاويا ، فله أن يؤخر الصلاة ولو فاتته الجماعة، ولا يجوز تعمد تأخير الصلاة عن وقتها أو عن جماعتها بلا عذر مسوغ، والله أعلم.